روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | مواقع الدردشة: معصية الخفاء!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > مواقع الدردشة: معصية الخفاء!


  مواقع الدردشة: معصية الخفاء!
     عدد مرات المشاهدة: 3637        عدد مرات الإرسال: 0

كانت مشكلات الفتيات – خاصة في فترة المراهقة – قديماً ترتبط غالباً بقضايا الزواج المبكر.

وقضايا خروج الفتيات من التعليم في سن صغيرة لأسباب مادية ولتتزوج، أو قضايا تتعلق بمشاركتهن في أعمال المنزل، أو خروجهن للعمل لمساعدة الأهل، ولم يكن يواجه الآباء والأمهات مشكلات عويصة مع الأبناء إلا نادراً. . . .

أما الآن فقد تغير المجتمع المحلي بتغير المجتمع العالمي، وصار التقدم التكنولوجي " غزواً إجبارياً " فرض إيجابياته وسلبياته على الأسرة المسلمة، فنشأت مشكلات جديدة لم يعهدها الآباء والأمهات، وصار الأبناء فتيانا وفتيات يواجهون قضايا جديدة انجرفوا خلفها بسبب الانبهار بهذه التكنولوجيا.

والرغبة في تجربة كل ما هو جديد ومثير.. . فبدخول الإنترنت معظم البيوت أصبح المراهق أو المراهقة بضغطة زر في عالم مفتوح عبر غرف الدردشة المختلفة، والمنتديات التي تتيح التعارف السريع والمتخفي أيضاً بالشخصيات المختلفة وللذئاب الإلكترونية خاصة!

غالباً ما تدخل الفتيات والمراهقات إلى عالم الإنترنت من باب التسلية، حيث تقول أفنان من الأردن 18 عاماً:  " تعملت من صديقاتي الدخول على الإنترنت منذ عامين، وكنت أجد فراغا كبيراً.

فكنت أتسلى باشتراكي في بعض المنتديات وغرف الشات، وكثيراً ما كان يطلب الكثير من الشباب – الباحث عن الصداقة النقية – إضافتي وكنت أتحدث معهم وأخرج دون أن يعلم أحدهم هويتي، حتى تعرفت على أحد الشباب وارتحت إليه وهو كذلك.

وأضفته على المسنجر المزيف الذي كنت أتحدث به للشباب الذين لا أرغب في معرفتهم لشخصيتي، وتطورت العلاقة بيننا حتى صارحته باسمي الحقيقي، وأتصل بي هاتفياً أكثر من مرة، وللأسف كان الشيطان رفيقي الدائم حيث قابلته مرة في الجامعة، وكان يفهمني أنني الفتاة الوحيدة بحياته وأنه سيتقدم لخطبتي فور أن أنتهي من دراستي.

وذات مرة اتصل بي وطلب مني أن ألقاه في بيته لأنه يريد أن يتفق معي على أمور زواجنا، لكن الله لم يتركني لأكون ضحيته، فقد اتصلت بي إحدى الفتيات صارخة بي كيف تجرئين على التواصل مع خطيبي، وفعلاً انقطعت عنه، ودمرت جهاز الكمبيوتر الخاص بي وتوجهت لله عز وجل بالدعاء أن يكف عن ملاحقتي وألا يفضحني".

الابتزاز.. للبقاء على الحرام!

وتضيف هناء – من مصر 21 عاماً والتي كانت لها قصة مشابهة: " بعد أن قطعت اتصالي بهذا الشاب وجدت في نفسي فراغاً كبيراً، فقد شعرت أن قلبي أصابة سواد من المعصية، ووجدت فراغاً كبيراً في علاقتي بأهلي وصديقاتي، وشعرت بالعزلة التامة عن المجتمع من حولي.

بل وعن نفسي أيضاً، فقد كنت بسبب الشات اللعين إنسانة تنصاع للشيطان والمعصية، وأعتقد أن الفتاة التي يتلوث قلبها بحب – وهمي – لا يعود أبيض نقياً كما كان، فالآن كلما يتقدم لخطبتي أحد الشباب الملتزم أشعر أنني لا أستحقه، لكن الحمد لله أن ربي قد ستر علي ولم يفضحني.

أما نيرمين فلسطينية الأصل وتعيش بالجزائر 24 عاماً فتقول: " منذ ثلاثة أعوام انضممت لمنتدى – إسلامي – وتعرفت فيه على الكثير من الفتيات الصالحات، وخلال ذلك راسلني أحد الشباب الذين كنت أقرأ كتاباتهم الجيدة.

وكان تعارفنا في الأول للتعاون على الخير، وكعادة اثنين ثالثهما الشيطان على الإنترنت توطدت علاقتنا، وكنت أحلم به ليل نهار، خاصة أنني في مجتمع مغلق للغاية، وأبي وأمي يحرمان علينا أي علاقة من الجنس الآخر، تحدثت معه كثيراً وأرسلت له صورة شخصية لي وطلبت منه أن يحذفها لكنه لم يفعل.

وكان ينوي أن نتزوج، لكن أهله رفضوا فكرة الزواج من فتاة منتديات، وعندما أخبرني بذلك لملمت جراحي وقررت أن أتركه، لكنه كان يريد أن تبقى علاقتنا كصداقة دون التفكير بالزواج.

وظهر الوجه الآخر له الذي صار يلمح بالتهديد بما يملكه من صور ومحادثات قام بتسجيلها، خفت منه في البداية، لكنني فاتحت أخي بالأمر والذي كان حكيماً عندما أنهى الأمر مع هذا الشاب، وفصل عنى الإنترنت تماماً"

طريق الوحل.. نهاية المطاف:

لكن هناك بعض الفتيات التي تركت غرف الشات في قلوبهن آلاماً بل وكانت سبباً في دمار حياتهن حيث تقول س. ن والتي رفضت حتى ذكر موطنها:  " كانت أمي دائماً مشغولة مع صديقاتها عني، ولم تتقرب إلي يوماً.

وكنت أشعر كثيراً بالوحدة وفقدان الثقة بالنفس، كنت أدخل على غرف الشاب من مقهى الإنترنت بالجامعة، وكان أحد الشباب يراقب الموقع الذي أدخله، فدخل على نفس الموقع وهو يعرف الاسم الذي أدخل به، وتعارفنا وقد أخفى شخصيته الحقيقية عني، وبعد أن توطدت العلاقة بينا وأصبحت أثق به.

في البداية لم يكن يقترب مني أبداً إنما أعطاني حنان الذئاب، وأنا كنت مراهقة لم تتحدث معها أمها كيف تحمي نفسها من مثل هؤلاء، وبعد فترة بدأ يقترب مني وعندما أرفض كان يقول لي " أنت لا تحبينني إذن سأقطع علاقتي بك" فكنت أخاف أن يتركني وقد تعلقت به، فاستجبت لما يريد.

وأقنعني للأسف أن نتزوج عرفياً – ليحصل على كل ما يريد - لحين أن ينتهي من دراسته الجامعية ويحصل على وظيفة مناسبة ثم يعلن زواجنا بتقدمه لأبي خاصة وأن أبي مسافر حالياً.

وكانت على عيني وقلبي قبلها غشاوة واستجبت له، وخلال أربعة أشهر اختفى من الوجود، وبعد بحث مضن عنه أخبرني أنه لا يستأمنني أن أكون زوجة له! ! لأني قد أتعرف على غيره عبر الإنترنت مثلما تعرفت عليه".

وتكمل باكية قائلة: " حالياً أمي لا تشعر بأي شيء فهي مغيبة عن أحوالي وأحوال إخوتي، وأعتقد بالطبع أنني لن أتزوج وأستقر مثل باقي الفتيات، فأنا كالميتة بين الأحياء، هذا غير ألم المعصية الذي يعتصر قلبي.

ففعلاً للمعصية شؤم وهم وغم يلحق الإنسان، حتى ولو كان في بداية أمره غافلاً عن عواقبها، وربما ظانًّا أنه يلهو بمثل هذه التصرفات إلا أنه بعد ذلك يجد حسرتها وندامتها، فعاقبة الذنب دائماً وخيمة".

وكانت مثلها ج من مصر التي تقول: " تأخر زواجي لما بعد الخامسة والثلاثين من عمري، وتصورت أنني سأجد ملاذاً في محادثاتي عبر الإنترنت، وللأسف تطور الأمر إلى أن أدخل غرف الشات لمجرد التحدث في الأمور الجنسية مع الرجال، حتى أصبحت أكره نفسي الزانية.

وقد أسودت حياتي كلها، فحتى شريك حياتي – إن كنت سأتزوج – قد دنسته بما فعلت بسبب هذا الإنترنت اللعين، والذي أصاب قلبا فارغا من الإيمان، وكلما أقول إنني سأتوب أعود لنفس المعصية وكأنني أدمنت هذه المحادثات".

الشات طريق شريك الحياة.. السراب

وقد تقتنع بعض الفتيات أن الإنترنت به فرص للزواج، مثل مواقع الزواج، وغرف الدردشة للراغبين في زوجة تحمل المسئولية، وقد تقع الكثيرات في مثل هذا الفخ حيث تقول حنان من ليبيا: " تعرفت على أحد الشباب بغرفة دردشة خليجية للراغبين في الزواج من إمرأة محترمة.

وكان يبدو جاداً وطلب مني رقم والدتي، واتصل بها بالفعل وأخبرها أنه يعيش بالسعودية وأنه سوف ينزل لخطبتي خلال عام، وكنت أتحدث معه وكان يحاول أحياناً أن يتحدث في أمور يتحدث بها الأزواج وعندما كنت أنهاه عن ذلك يقول لي إننا سنتزوج قريباً.

وذات يوم طرأت ببالي فكرة ودخلت على نفس الشات باسم آخر وتعارفت عليه، ثم تحدثت معه على المسنجر – على أنني فتاة أخرى – وقال لهذه الفتاة – التي هي أنا - من كلمات الحب والغزل مثل ما قاله لي.

وطلب منها رقم والدتها كما فعل معي تماماً، وعندما صارحته تركني، وأصبحت لفترة نادمة لأنني كنت أحبه وخسرته بسبب حماقتي، لكنني عندما صارحت أمي بما حدث وضحت لي أنه شاب لعوب ويجب أن أدعو الله أنه خلصني منه".

علاقات بريئة.. فحمل سفاح

حملنا هذه القضية بآلامها وأشواكها إلى الدكتور إبراهيم رجب رئيس قسم الخدمة الاجتماعية السابق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فقال: قد يظن البعض أننا لما كنا نعيش اليوم في عصر المنتجات "الفورية" والوجبات السريعة فإن أي قضية أو مشكلة تواجهنا فإن بإمكاننا كذلك أن نتعامل معها ونتناولها تناولا "فوربا سريعا". . .

ولكنهم يفاجأون بأن الكثير من القضايا والمشكلات - الإنسانية و الاجتماعية خصوصا- لا تستجيب أبدا لمثل هذا النوع من التعامل السريع الذي يتعجل النتائج دون إدراك كاف للأبعاد الحقيقية العميقة لتلك القضايا والمشكلات الاجتماعية.

ويندهشون (أو يفزعون) عندما يجدون أن المشكلات لم تزدد - رغم هذه العلاجات المتسرعة المبتسرة - إلا تفاقما، مما قد يفضي – وهو الأخطر - إلى شيوع نوع من الشعور باليأس من إمكان الإصلاح. . . يأس قد يصل في صورته المتطرفة إلى التصور بأن أمثال تلك المشكلات إنما هي أمر "طبيعي" لا مفر منه، أو أنه قَدَر محتوم لا قبل لنا بمواجهته! ! !

وهنا فالعلاقات بين الجنسين عبر الإنترنت معظم نتائجها خطيرة، فهذا النوع من المشكلات تنطلق من السماح بصور التواصل التي تبدو "بريئة" تماما في بداياتها، والاستهانة بنتائجها المحتم أن تترتب عليها، فمعظم النار من مستصغر الشرر، حيث تبدأ التجاوزات بدعوى "التعارف" على المنتديات أو غرف الشات.

ثم تتدرج اتصالات التعارف إلى نمو مشاعر الألفة والتجاذب والشعور بالارتباط بين الشاب والفتاة في هذه المرحلة العمرية – غالباً فترة المراهقة - التي تتسم بتغيرات فسيولوجية سريعة تدفع العلاقات دفعا في هذا الاتجاه تحديداً.

ويبدأ أحد الطرفين أو كلاهما في التوهم بأنه يتمتع بالمرغوبية الشخصية أو بالجاذبية الجنسية (باعتبار تلك الصفة – أي الذكورة/ الأنوثة - هي الخاصية الفارقة في هذا الموقف) مما يدعم الرغبة في الاستمرار في العلاقة.

ويتوهم أحد الطرفين أو كلاهما وجود رغبة "لدى الطرف الآخر" في الارتباط، ثم فيما هو أكثر من الارتباط، فيطمع فيما هو أكثر من ذلك دون شعور بالمسؤولية، و يطلب أحد الطرفين (الشاب عادة) انتظام العلاقة أو تعميق الارتباط، أو ماهو أكثر من الارتباط (أي طلب الدخول في العلاقات الجنسية الطابع، أو الجنسية الصريحة).

وهنا في حالة الاستجابة لتلك المطالب يترتب عليها بعض المشكلات وهي زيادة وتيرة وعمق الاقتراب والاتصال بين الشاب والفتاة بأمل (أو وهم) الارتباط بالطرف الآخر برباط الزواج في المستقبل (البعيد جدا) مع الغياب التام للظروف الموضوعية التي تبرر وهم الزواج.

مما يقترب في بعض صوره من خداع الذات، ثم الوقوع في الكبائر المغلظة، وقد يترتب على ذلك حمل السفاح، ووجود المشكلات القانونية والتجريم والأحقاد ورغبة الولي في الانتقام.

وفي حال رفض تطوير العلاقة بعد وصول العلاقات إلى هذا المستوى يتولد الشعور بالإحباط، و تستثار كل مشاعر النقص و مشاعر عدم الكفاءة الشخصية، وما يرتبط بها من آلام نفسية حادة واكتئاب ورغبة أحياناً في الانتحار، والعدوانية والرغبة في الانتقام من مصدر الإحباط.

معصية الخفاء أشد وأظلم!

ويضيف الدكتور يحيى الشرقاوي الباحث الشرعي بكلية الشريعة جامعة الأزهر والذي يقول: أتألم كثيراً لوقوع الكثير من الفتيات – الملتزمات – في فخ الانترنت وما يتضمنه من غرف الشات والمنتديات التي تبيح كل وسائل التواصل بين الشباب والفتيات، فكثيراً ما نجد فتاة تحافظ على الصلاة وتلتزم حجابها الشرعي وصاحبة خلق ودين.

وقد وقعت في هذه المعصية – الخفية غالباً – حتى صار وجود الإنترنت في البيوت أداة لتدمير كل الأخلاق والسلوكيات التي أمرنا الإسلام بالالتزام بها، وقد تقع بعض الفتيات في مثل هذه العلاقات عن طريق شبكة المعلومات.

وعن طريق المكالمات وغير ذلك، فما من فتاة دخلت على هذه المواقع وغرف الدردشة إلا وقلبت حياتها ألماً وحزناً وهماً وغماً، حتى وإن ظهر لها في بداية الأمر أنها سعيدة وقد نجحت في اختيار شريك حياتها

وأي فتاة وقعت في هذه المعصية يجب أن تقلع عنها حتى لا تتطور وتصبح فضيحة ويكبر الجرح، وأن تتوب إلى الله تعالى ابتغاء مرضاته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه) أخرجه الإمام أحمد في المسند وإسناده صحيح،

خاصة وأن معظم الشباب الذين يدخلون مثل هذه المواقع يكونون إما من الذين يبحثون جدياً عن زوجة، ويكتشفون بعد مدة من العلاقة أنهم كانوا على خطأ في طريقة اختيار شريكة الحياة، خاصة وأن الشك يبدأ في غزو قلبه بأن مثل هذه الفتاة قد تتعرف على غيره مثلما تعرفت عليه.

ومن ثم يتركها، أو شاب متلاعب يقضي أوقاته مع هذه وتلك. وأي فتاة مسلمة تحافظ على كرامتها وعزتها لا تبغي زوجاً من ساحات المنتديات وغرف الشات التي تفوح رائحتها بضحاياها".

وقد تعتقد بعض الفتيات أنها قد تتعارف على رجل صالح وتعرض عليه الزواج، فهذا متاح " تحت علم ونظر الأهل وفي غير وجود الخلوة الشرعية عبر المسنجر أو غرف الشات" لكن لا يتعداها ليكون بعد ذلك علاقة وكلاما واتصالا هاتفيا مع رجل ما زال أجنبيا حتى إذا تمت الخطبة.

ويجب على كل فتاة تتحدث مع رجل أجنبي بصورة تثير الشهوات أن تسترجع قوله جل وعلا {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ، فهي تخوض في هذه الكلمات مع هؤلاء الرجال وهي تُقيد عليها حرفًا حرفًا، بقوله عز وجل {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}، فمعصية الله التي من شؤمها أن تفسد على الإنسان سعادته، والتي تُذهب البهجة من نفسه.
 

الكاتب: تسنيم الريدي

المصدر: موقع آسية